الخطبة والآثار الشرعية المترتبة عليها

الملخص

إن الحمد لله نحمده ، وتستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ، بلغ الرسالة ، وأدى الأمانة ، ونصح الأمة ، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ، ومن اهتدى بهديه إلى يوم الدين .

وبعد فإن الله عز وجل شرع النكاح لحفظ النوع الإنساني ، قال تعالى : ( يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالاً كثيراً ونساءً واتقوا الله الذي تساءلون به

والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا ) (1). فالزواج هو المنشئ للأسرة ، والأسرة هي الوحدة الأولى لبناء المجتمع، ولهذا اهتم به الشرع الإسلامي وأحاطه بسياج من المواثيق والعهود في جميع مراحله .

قال تعالى : ( فانكحوهن بإذن أهلهن وأتوهن أجورهن بالمعروف محصنات غير مسافاحات ولا متخدات أخذان ) (2) وقال تعالى : ( وأخذن منكم ميثاقا غليظا) (3) ، وقال تعالى : أكنتم في أنفسكم علم الله أنكم ستذكر ونحن ولكن لا تواعد وهن سرا إلا أن  تقولوا قولا معروفاً  (وعاشروهن بالمعروف ) (4) ، وقال تعالى : ( ولا جناح عليكم فيما عرضتم به من خطبة النساء أو عقدة النكاح حتى يبلغ الكتاب أجله . واعلموا أن الله يعلم ما في أنفسكم فاحذروه واعلموا أن الله غفور حليم ) (5). كما أنه من العقود المستمرة غيرة المقيدة بزمان، وليس المقصود منه مجرد الاستمتاع ، بل تكوين الأسرة

، والتوالد والتناسل ودوام العشرة بين الزوجين ، واشتراكهما وتعاونهما في الحياة وتربية الأولاد . وقد تميز عقد الزواج عن بقية العقود بأن له مقدمات خاصة به لعظم شأنه، ومنزلته السامية ، ومكانته

المرموقة ، فهو عقد الحياة الإنسانية ما بقى الزوجان على قيد الحياة . وتتمثل هذه المقدمات في الخطبة، ليتبين لكل من المتعاقدين مدى رغبته ، وتحقيق مطالبه في العقد ، فإذا تلاقت الرغبات أقدم كل واحد منهما على العقد بكامل إرادته ، فالخطبة هي طلب التزوج بالمرأة ، وإظهار الرغبة في ذلك ، بحيث لا يحتمل الطلب غير الخطبة .