لفظ العام وأثره في استنباط الأحكام

الملخص

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله الصادق الأمين، وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد...

من الواضح أن صيغ العموم وضعت للعموم، واستعمالها يفيد العموم، لأن الأصل في الاستعمال الحقيقة، وقد أجمع العلماء على أن الألفاظ تفيد العموم، بينما اختلفوا في المعاني. قيل أن العموم على أربعة أضرب لفظ الجمع، ولفظ الجنس، والألفاظ المبهمة، والاسم المفرد إذا دخل عليه الألف واللام ، فالأول مثل المسلمين، والرجال والجبال، والأبرار، والثاني مثل الناس، والنساء والإبل، والحيوان، وليس ذلك من ألفاظ الجمع، لأنه ليس له من جنسه واحد، والثالث مثل: "من" في العقلاء، و"ما" في غير العقلاء، ويكون في الاستفهام أو في الشرط والجزاء، و"أي" في الجمع، و"أين" في المكان، و"منى" للزمان، والرابع مثل: الإنسان، والسارق، والكافر، والبيع، والصيد، والدينار، وغيره. كما ذكر ابن قدامة أن العموم من عوارض الألفاظ فإذا قيل: هذا لفظ عام، صدق على سبيل الحقيقة، والكلام الحقيقي هو المعنى القائم بالنفس، وهو الذي يعم ويخص، والصيغ والعبارات دالة عليه، ولا يسمى بالعموم والخصوص إلا تجوزاً ، فمثلاً عطاء زيد متميز عن عطاء عمرو، وليس في الوجود فعل هو عطاء نسبته إلى زيد وعمره واحد، وليس في الوجود معنى واحد مشترك بين اثنين، وكذلك علوم الناس وإن اشتركت في أنها علم، لكن لا توصف بأنها عموم ، والرحل له وجود في الأعيان والأذهان واللسان، فوجوده في الأعيان لا عموم له، وأما في اللسان، فلفظة الرجل قد وضعت للدلالة، وأما الذي في الأذهان من معنى الرحل فيسمى كليا ) ، وقد احتج القائلون بأنه حقيقة فيهما، باعتبار أن العموم حقيقة في شمول أمر المتعدد، فكما صح في الألفاظ باعتبار شمول لفظ لمعان متعددة بحسب الوضع، صح في المعاني باعتبار شمول معنى لمعان متعددة