حماية جسم الإنسان في الشريعة الإسلامية والقانون الوضعي

Abstract

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. أما بعد : فإن الله تعالى لما خلق الإنسان خلقه بيديه ، ونفخ فيه من روحه ، وأسجد له ملائكته ، وطرد إبليس من أجله لعصيانه أن يسجد لآدم ، وأسكن آدم الجنة ، وعلمه الأسماء كلها ، وجعله خليفته في الأرض ، فإن كان الإنسان لربه مطيعا كان أفضل من الملائكة ، وإن عصاه كان أدنى من البهائم ، كل هذا دليل على التكريم ، فهل تراه يسلمه ويذله ويخزيه ما دام يسير طبقا لخط السير الذي رسمه له ربه ، كلا وحاشا أن يكون ذلك. فها هو سبحانه يقول في حقه: { وَلَقَدْ كرمنا بني آدم } (70) سورة الإسراء ، ويخلقه في أحسن صورة: ( لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم ) (4) : الدين . وتتجلى فيه عظمته سبحانه فيقول : { فتبارك الله أحسن الخالقين ) المؤمنون (14) .

من أجل ذلك فقد تولاه ربه ، وأوصى باحترامه في شرائعه ، وحرم قتله بغير حق قال تعالى: { ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق وهذه قاعدة تحرم مساسه بغير حق ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد بين في سنته أن أولى ما يقضى بين الناس يوم القيامة في الدماء ، كما توعد الله قاتله بالعذاب يوم القيامة قال تعالى: { ومن يقتل مُؤْمِنًا مُتَعَمدًا فجزاؤه جهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا ) (93) سورة النساء. هذا في الآخرة بالإضافة إلى عقوبة القصاص في الدنيا والحرمان من الميراث إن كان القاتل من ورثة المقتول.

كما نادى القانون الوضعي هو الآخر بحماية كيان الإنسان المادي حال الحياة بأساليبه ، فنادى بأن الحق في سلامة الجسم الذي يتمتع به كل فرد باعتباره انساناً يعني حق الإنسان في أن يحتفظ بكل أعضاء جسمه دون نقصان ، و أن تظل هذه الأعضاء مؤدية لوظائفها على نحو طبيعي دون خلل أو انحراف عن اداء وظيفتها فالحق في سلامة جسم الأنسان هو من الحقوق الأساسية اللصيقة بالإنسان التي ترتبط بصحته ،

و يعتبر تدخل المشرع الحماية جسم الأنسان تدخلاً أيضاً لحماية الإنسان ذاته ، والذي بدوره أحد عناصر بقاء المجتمع و ازدهاره باعتبار أن هناك تلازماً بين الحفاظ على الأنسان وسلامة جسمه وكيان المجتمع، وحق الإنسان في سلامة جسده